مع اقتراب موعد امتحانات الثانوية العامة، يعيش العديد من الطلاب وأولياء الأمور حالة من التوتر والترقب، وهو أمر طبيعي في ظل أهمية هذه المرحلة المصيرية في حياة الطالب. وفي هذا السياق، يشير الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، إلى أن إدارة القلق والتوتر تُعد من المهارات الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر في فرص النجاح والتفوق الدراسي.
ويؤكد د. حجازي أن القلق في حدوده الطبيعية يمكن أن يكون دافعًا إيجابيًا نحو الإنجاز، لكنه إذا خرج عن السيطرة، يتحول إلى عبء نفسي وعقلي يعرقل التركيز ويضعف الأداء. ومن هنا تبرز أهمية اتباع خطة عملية متكاملة تساعد الطالب على استعادة هدوئه وتركيزه وثقته بنفسه.
تمرين بسيط يمكن ممارسته في أي وقت ومكان، ويقوم على: شهيق عبر الأنف لـ5 ثوانٍ، حبس النفس لـ5 ثوانٍ، زفير عبر الفم لـ5 ثوانٍ، ثم راحة لـ5 ثوانٍ، وتكراره 3-5 مرات. هذا التمرين يساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر.
عند الشعور بالقلق، يُنصح بتحويل التركيز إلى تفاصيل حسية في البيئة المحيطة مثل أصوات أو ألوان أو ملمس الأشياء. هذه الطريقة تُعرف بـ"استراتيجية صرف الانتباه"، وتساعد في تهدئة الذهن.
بدلًا من التركيز على المخاوف، يستفيد الطالب من تذكر مواقف النجاح السابقة، مما يعزز ثقته بنفسه ويمنحه دفعة نفسية إيجابية.
النوم المنتظم والتغذية الصحية عنصران أساسيان للحفاظ على التركيز. يُفضل تناول أطعمة غنية بأوميغا 3 ومضادات الأكسدة، مع تجنب السكريات والمنبهات الزائدة.
الاستيقاظ المبكر، ممارسة تمارين خفيفة، تناول إفطار مغذٍ وشرب كمية كافية من الماء، كلها أمور تساعد على بدء اليوم بذهن صافٍ وجسم نشيط.
يحذر د. حجازي من استخدام المهدئات أو المنشطات دون وصفة طبية، لما لها من آثار سلبية خطيرة على التركيز والحالة النفسية.
استخدام عبارات تشجيعية مثل: "عليك أن تسعى، وليس عليك إدراك النجاح" أو "النتيجة لا تعكس كل شيء"، يساهم في تخفيف الضغط النفسي ومساعدة الطالب على رؤية الأمور بشكل أكثر اتزانًا.
ينصح بأن يخصص الطالب بضع دقائق لقراءة جميع الأسئلة بهدوء، ويبدأ بالإجابة على الأسئلة الأسهل، مما يعزز ثقته ويساعد في تنشيط الذاكرة.
من المفيد النظر إلى القلق كمؤشر على أهمية الحدث، لا كعدو. كما يجب التعامل مع الامتحانات على أنها فرصة لاكتشاف القدرات، لا أنها الحكم النهائي على المستقبل.
التحلي بالمرونة وتقبل النتائج المحتملة أمر ضروري، مع الابتعاد عن مقارنة النفس بالآخرين، والتركيز على التقدم الشخصي.
إذا شعر الطالب بأن التوتر تجاوز قدرته على التحمل، وظهرت أعراض نفسية أو جسدية شديدة، فمن الأفضل طلب المساعدة من مختص نفسي دون تردد.
وفي ختام حديثه، يوجه الدكتور عاصم حجازي رسالة طمأنة للطلاب:
"أنتم لستم وحدكم، وكل جهد تبذلونه اليوم سيؤتي ثماره، سواء في الامتحانات أو في بناء شخصيتكم وقدرتكم على مواجهة تحديات الحياة."
